قمت قبل يومين بالمشاركة مع الصديق Ali Sirag في احتفالية بمناسبة عيد استقلال اوكرانيا في وارسو. في الحقيقة كنت اشارك في مثل هذا النوع من الاحتفالات كلما تيسر لي، تضامنا مع هذا الشعب الطيب الذي انجز 3 ثورات في خلال العشرين عاما الأخيرة وتعرض لاحتلالين وحربين.
جدير بالذكر إني تظاهرت تضامنا مع الاوكرانيين في شتاء عام 2004 زمن ثورتهم الاولى ضد تزوير الانتخابات، وكانت أحمل في بعض المظاهرات بنتي اماليا وهي ابنة عامين وقتها.
عموما نشرت أول أمس عددا من الصور لمشاركتي الأخيرة هذه. خلال الاحتفال حضر لي ما لا يقل عن 50 شخصا من الاوكرانيين لاخذ صور معي، حيث كنت البس قميصا تقليديا اوكرانيا وأحمل علما اوكرانيا. ظن الكثير منهم انني “اوكراني” بل تحدثوا معي بالاوكرانية اولا. من جانبي تصورت مع بعضهم بتلفوني.
من ضمن 16 صورة نشرتها كانت هناك 12 صورة لي مع اوكرانيين. مع نساء واطفالهن، مع شباب من الجنسين ، مع طفل ومع رجل كبير السن. كانت هناك ايضا صورة مع طفلة أو قل فتاة في حوالي ال15 من عمرها أو ربما اقل، تصورت معي وايضا لي صورة مع امها نشرتها ضمن الصور .
من بين جميع الصور اخذت الصورة مع هذه البنت عشرات التعليقات. كان هناك تعليق واحد في البوست نفسه ولا تعليق على اي صورة اخرى. جُل التعليقات كتبت من قبل رجال وتركزت على شكل الفتاة وايحاءات عجيبة عن موقفي المفترض منها ، من نوع لك حق ان تتضامن مع الاوكرانيين وبعد هذا لن تعود الى عطبرة وهل رأت المدام الصورة الخ.
في البداية تعاملت الامر على انه نوع من المزاح ولكن بعد تناسل التعليقات خفت ان ترى هذه الطفلة هذه التعليقات غير اللائقة وتنزعج. ايضا اريت الصورة والتعليقات لزوجتي وقلت لها اني ساشطب الصورة فاعترضت وقالت لي إلا اشغل بالي بمثل هذه الترهات.
في الحقيقة تعاملت مع الفتاة كطفلة، وهي اصغر بما لا يقل عن 7 سنوات عن ابنتي اماليا، واستغربت من حالة الاضطراب الذهني وضعف الحساسية والتعامل الحسي والحرمان العاطفي في الفيسيوك السوداني. قبلها كنت اتحير من تعليقات رجال كبار في السن عن صور بنات في أعمار بناتهن أو حول جمال الاثيوبيات الخ.
ربما يرجع هذا للتعامل عموما مع المراة في الثقافات المتخلفة، وخصوصا أرث التشييء و تعدد الزوجات والزواج من الأطفال وغيرها من الجرائم والمحن. ربما يرجع للجفاف العاطفي في السودان وفصل الجنسين وحالة القبح التي فرضها النظام السابق على النساء بتلبيسهن الحجاب والنقاب والطرح والملابس الواسعة المهلهلة التي تغيب انوثتهن وتشوهها. ربما وربما.
عموما قمت بحذف الصورة حتى لا أقرأ المزيد من التعليقات غير الحساسة، وحتى لا تصاب هذه الطفلة بصدمة اذا وجدت الصورة وقرأت التعليقات عن شخصها بهذا الشكل.
عادل عبد العاطي
26 اغسطس 2023م