التوتر في القرن الافريقي يعود إلى السطح عبر بوابة ارض الصومال

برزت أزمة أرض الصومال مجدداً إلى السطح بعد سنوات من التراجع والخمول بعد اعلان رئيس الوزراء الاثيوبي ابي أحمد عن اتفاق مع رئيس إقليم ارض الصومال الانفصالي موسى عبدي بموجب الاتفاق تحصل اثيوبيا على منفذ بحرى في إقليم ارض الصومال لمدة 50 عام في المقابل تعترف أديس أبابا بان هرجسيا عاصمة جمهورية ارض الصومال باعتبارها دول مستقلة قائمة بذاتها.

من خلال هذا الاتفاق تستطيع اثيوبيا الاستفادة من ميناء بربرة المطل على خليج عدن . ظلت أديس أبابا تحلم بالحصول على واجهة بحرية منذ انفصال إرتريا 1993 حتى يتسنى لها الحصول على السلع والخدمات المستوردة من الخارج بأسعار مناسبة في ظل اتساع نطاق الفقر في المجتمع الاثيوبي ورغبة رئيس الوزراء ابي أحمد بإنجاز مشاريع تنموية توحد الوجدان الأثيوبي في ظل الانقسامات العرقية والاثنية والسياسية بحيث أنه نجح في ذلك من خلال سد النهضة . إثارة الحصول على منفذ بحرى في هذا التوقيت الغرض منه إعادة ترميم الوجدان الأثيوبي عقب حرب التغراي فضلا عن الخلافات في اقليمي الامهرا والاورومو .
منذ أن أعلن إقليم أرض الصومال الاستقلال من جانب واحد مع بديات انهيار الدولة الصومالية عقب سقوط نظام الرئيس محمد سياد بري في 1991 ، ظل الإقليم نسبياً بعيداً عن التجاذبات الإقليمية والدولية في أتون نظام أحادي القطبية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التي تدخلت عسكرياً وخسرت الحرب . وعلى الصعيد الإقليمي ظلت العلاقات الصومالية الإثيوبية تعاني من تداعيات حرب الاوغاودين بين البلدين ، بالرغم من ذلك كان الحضور الإثيوبي فاعلاً مؤثرا بعد تفويض مجلس الأمن الدولي والاتحاد الافريقي إثيوبيا لاستعادة الأمن والاستقرار في الصومال في العام 2006 عندئذ لعبت أديس أبابا دوراً جوهرياً في احكام السيطرة على مساحات واسعة من البلاد وفرض هيبة الدولة من قبل الحكومة الانتقالية برئاسة شيخ شريف لكن الدور الاثيوبي في الصومال بدأ في التراجع والتأكل بعد وفاة رئيس الوزراء الأسبق مليس زيناوي حيث كانت أديس أبابا حينئذ تمتلك علاقات جيدة مع دول القرن الافريقي ما عدا أسمرا.
بالرغم أن رئيس الوزراء الاثيوبي ابي أحمد قال في خطاب للشعب الأثيوبي من داخل البرلمان في أكتوبر الماضي بأن بلاده بحاجة ماسة إلى منفذ بحرى مهما كانت تبعات وتكاليف ذلك ، البعض نظر إلى التصريحات بمثابة إعلان حرب على الجارة إرتريا من أجل الحصول على الإطلالة البحرية وبعدها عادت العلاقة بين البلدين إلى مرحلة التوتر والحشد العسكري بعد المصالحة التاريخية في يوليو 2018 م واعتقد بأن هناك سبب آخر من دوافع وعوامل توترت العلاقة الإثيوبية الإرترية عدم تراجع القوات الإرترية من خلال حدود اثيوبيا في مناطق إقليم التغراي بعد أن شاركت مع الجيش الاثيوبي لقتال جبهة التغراي مؤخرا .
الشراكة بين أديس أبابا وهرجسيا أبعادها اكبر من الحصول على إطلالة بحرية من عقد مؤقت ربما يدوم 50 عاما أعتقد بأن الدوافع الاثيوبي اكبر من ذلك باعتبار أن لديها نفس الاتفاقيات مع جيبوتي وكينيا والسودان لاستخدام موانئهم من قبل أديس أبابا >

الاتفاقية الأخيرة بين أبي أحمد و موسى عبده الغرض منها إعادة صيغة وتشكيل القرن الافريقي ومحاولة أديس أبابا ليست الأولى وانما كانت هناك محاولات من قبل عندما وقعت الامارات اتفاقية مع أرض الصومال في 2018 من أجل الاستفادة من ميناء بربرة لتعويض خروجها من جيبوتي بعد إعادة النظر في الاتفاقية التي تم توقيعها بين السلطات الجيبوتية وهيئة موانئ دبي ، فضلا عن التعاون الأمني والمخابراتي . الخطوة الاثيوبي تأتي في إطار تحالف إثيوبي اماراتي يستهدف التأثير على أمن البحر الأحمر من خلال إعادة تشكيل منطقة القرن الأفريقي .

 

محمد تورشين
كاتب وباحث في الشؤون الأفريقية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *