قراءات وحلول حول الوضع السياسي الحالي

مقدمة:
– إن حرب 15 ابريل كانت نتيجة للفشل المستمر منذ 11 ابريل 2023، وانكسار أغلب الاحزاب والمثقفين وجزء كبير من الناشطين لبوت العسكر والمليشيات، وهو ما حللنا جزء منه في مقالاتنا عن السوق السياسي في السودان، وهي استمرار لفشل الدولة السودانية منذ عام 1821، وحربها المستمرة على المواطن.
– كان وضع البلاد عمليا في يد جنرالات البشير وقادة مليشيا الدم السريع، ووضع السلطة العسكرية والاقتصادية في يد الطرفين، هو ما مهد لانقلاب 25 اكتوبر، حيث تم التهام “المدنيين” ولفظهم كالنواة، واستأثر الجنرالات والمليشيا بالسلطة، في ظل دعم بائس للانقلاب من اغلب حركات “سلام” جوبا، وبعض اليائسين والانتقاميين من الاخوان المسلمين.
– إن الاصرار على فترة انتقالية طويلة، والاتيان بعناصر مدنية ضعيفة ولاهثة خلف الفتات، وترك البرهان وحميدتي يتعودون على السلطة ويستمرأونها ويدمنونها، والسلطة من أسوأ انواع المخدرات، هو ما قاد الى حرب ال15 من ابريل الحالية، حينما اختلف الجنرالان على اي منهما يحق له قتل السودانيين وسرقتهم واغتصابهم والحديث باسمهم،
متغيرات مهمة:
ان الحرب الحالية قد انتجت اربعة نتائج رئيسية لا بد من اخذها في الحسبان، عند وضع اي استراتيجية سياسية للخروج من حالة الحرب والازمة الحالية، والبحث عن بديل مدني ديمقراطي سليم:
1- حالة العسكرة الشاملة للسياسة، هذه الحالة بدأت منذ منتصف سنوات الانقاذ حين ركز البشير على استجلاب دعم المليشيات وقوات الامن والجيش، بدلا من دعم التنظيم السياسي. هذه الحالة تكرست بعد 11 ابريل 2019 وحكومة الشراكة المشؤومة. حاليا فإن من يحمل السلاح هو المتحكم، ويستطيع اي قائد ميداني للدعم السريع ان يتحكم في حياة الاف الناس ومماتهم، وقوته تعادل قوة قادة عشرة احزاب مجتمعين.
2- ازدياد الدور العسكري والسياسي للإخوان المسلمين، خصوصا المتطرفين منهم. هذا الأمر تسببت فيه قحت والدعم السريع تحديدا، وذلك بالاستعداء الفظ والتهديد الوجودي الذي حاولوا فرضه على جميع الاسلاميين. بهذا تقهقهر التيار الاصلاحي وسطهم واستطاع المؤتمر الوطني ان يعود للواجهة. هنا لا بد من تعامل جديد وموضوعي مع هذه الظاهرة والفئة، بعيداً عن خطابات الصراخ العدمية واستخدام العسكر والدعامة في مواجهتهم.
3- تزايد الدور السياسي للقوى الاقليمية والدولية في تحديد المصير السياسي السوداني، وهو أمر طبيعي في حالة أي بلد يدخل الحرب الاهلية، حيث يحاول كل طرف ان يتلقى دعما سياسيا وعسكريا من الخارج. هذا الدور هو دور سلبي في مجمله، حيث تصبح القوى السياسية الداخلية رهينة للخارج والمحاور، وتخوض حروبا بالوكالة. تجارب سوريا وليبيا واليمن تثبت ذلك.
4- فشل القادة العسكريين ليس فقط في ادارة الدولة والاقتصاد، بل وفي تحقيق الامن والدفاع عن البلاد، بل حتى الدفاع عن أنفسهم تجاه من خلقوهم بأيديهم. فقادة الجيش الآن ما بين محاصر وأسير وشهيد وهارب، بينما يظل هناك قادة أخرون بلا اي افق سياسي او عسكري. هذا هو مصير الجيش الذي ينشغل بالسياسة والبزنس ويسلم مهمة القتال لمليشيات وجيوش خاصة.
نتائج وحلول:
هذا الواقع الجديد يستدعى الحلول السياسية التالية:
1- الرفض القاطع لأي حلول سياسية يكون العسكر طرفا فيها، وضرورة ابعادهم والمليشيات تماما من الساحة السياسية، وضرورة ان ترتقي الاحزاب لمهامها الوطنية والسياسية وتترك ضلالها القديم والجديد. هذا يعني ان تكون الحكومة القادمة بعد الحرب حكومة انتقالية قصيرة بأهداف محددة ومحدودة، وان يقوم عليها مستقلون متفق عليهم، وان تجهز الاحزاب نفسها للانتخابات.
2- ضرورة تكوين قوات دفاع ذاتي او قوات دفاع السودان، ونقل القيادة من جنرالات البشير الفاشلين، فالجيش الحالي بقيادته الحالية لا يمكن التعويل عليه، وان تكون هذه القوات الشعبية نواة الجيش المحترف الوطني الجديد في فما بعد الحرب. واقع الحرب يساعد على تكوين هذا الجيش الجديد من قوات الدفاع الذاتي وشرفاء الجيش والحركات، شرط الالتزام الكامل بالمدنية والمهمة الدفاعية لهذا الجيش.
3- ضرورة التفريق بين الاسلاميين الذين يدعمون المدنية ويعترفون بأخطاء النظام السابق ويرغبون في خوض السباق الانتخابي ويدافعون عن أنفسهم والبلد دون حمولات أيدلوجية، وبين المتطرفين الذين يريدون عودة حكم المؤتمر الوطني ويريدون الانتقام وتصفية حساباتهم السياسية مع الشعب والثوار. مع الاولين نتعامل بأريحية ونرحب بهم في النضال من اجل استعادة الدولة والمجتمع المدني، اما الآخيرين فسنواجههم بالظفر والناب كما نواجه مليشيات الدم السريع.
4- ضرورة الانتباه للوضع الاقليمي والدولي، وبناء التحالفات الصحيحة في إطار لعبة المصالح الاقليمية والدولية. في هذا الوقت علينا التحالف مع كل دول الجوار التي تهددها الحرب ولا اطماع لها في السودان، كما ينغي تقليص العلاقات وتحديد الحدود مع كل القوى الاقليمية والدولية التي تدعم التمرد. أيضا يجب التوضيح لدول الجوار اننا لا ولن نتدخل في انظمتها السياسية وخيارات شعوبها، ولكن يجب عليهم احترام خيار الشعب السوداني في اختيار الطريق الديمقراطي الدستوري الذي قدم السودانيون من أحله المهج والأرواح.
خاتمة:
اعلن انا عادل عبد العاطي بصفتي الشخصية الالتزام بالحلول أعلاه أو ما يقاربها، واستعدادي للعمل المشترك مع اي حزب او فئة او مجموعة او افراد يعملون لأجل الوطن والشعب، وليس لمصالجهم الشخصية او الحزبية، ، ويسعون لإيقاف الحرب عبر الطرق العسكرية والسياسية السليمة وليس بالاستسلام للتمرد، حتى لا يقع ما هو أسوأ، ولا يتدهور البلد الى جحيم مطلق.
إلى الأمام.
عادل عبد العاطي
23 اغسطسي 2023م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *